تتعرض الكثير من النساء، في الحياة اليومية، لأشكال ومستويات مختلفة من العنف، والذي يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على حياتهن، ومشاركتهن في المجال الخاص والعام. والوضع لا يختلف كثيراً بالنسبة لمشاركة النساء في الفضاء الإلكتروني، خاصة مع ارتفاع حالات العنف الرقمي التي جعلت هذه المساحة الافتراضية غير آمنة للنساء وبالتالي أصبح تواجدهن وتفاعلهن على المنشورات مقيد ومحدود. تساهم المعلومات الزائفة أو المضللة في ازدياد نسبة العنف ضد النساء، وهو ما يسمى بالتضليل القائم على النوع الاجتماعي، بمعنى اختلاق أو نشر أخبار من شأنها تشويه صورة النساء، أو التقليل من شأنهن، أو ترهيبهن للابتعاد عن الفضاء العام وهو ما تواجهه النساء عامة، والسياسيات، والعاملات في منظمات المجتمع المدني ، والشأن العام بصفة خاصة.
الفضاء الافتراضي يتقاطع مع الواقع من خلال سهولة اختلاق وتصديق الشائعات وخاصة إذا كانت موجهة ضد امرأة، حتى لو كانت الإشاعة غير منطقية ومبنية على أكاذيب ومعلومات زائفة، بدوره لا يتردد المجتمع الافتراضي بتبني هذه الإشاعة ونشرها وتضخيمها ومضاعفة الضرر على المرأة المستهدفة.
ما هو التضليل القائم على النوع الاجتماعي؟
تلجأ الجهات التي تصمم وتروج المعلومات المضللة والأخبار المزيفة إلى استخدام الوصمات الاجتماعية التقليدية، والتي تقلل من قيمة النساء وتستبعدهن عن التواجد في الفضاء الرقمي، على سبيل المثال غالباً ما يتم نشر صورة لامرأة من محفل سياسي وترفق بتعليق يستنكر جلوسها مع الرجال، أو طريقة لباسها، أو تواجدها في مكان غير مخصص لها، ويشكك بكفاءتها في العمل السياسي، أو عند انتقاد سلوك والحياة الشخصية لناشطة مدنية تقوم بعمل أو نشاط معين،فيتم استخدام صورها أو منشوراتها بطريقة مسيئة بغرض تعريضها للأذى النفسي والاجتماعي.
وتتعرض النساء الباحثات عن عمل للتضليل، من خلال نشر معلومات مضللة عن طبيعة ومكان العمل، ليتم استدراج النساء لمشاركة معلومات وبيانات شخصية تستخدم ضدهن لاحقاً في ما يعرف بالتشهير والابتزاز الالكتروني. وبطبيعة الحال تنتشر المعلومات المضللة بسرعة وعلى نطاق واسع من خلال المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي، وتطبيقات التراسل، وتزداد هذه الممارسات في المناطق التي تمر بأزمات وحروب.
تكون المعلومات المضللة على شكل، روابط مزيفة لفرص عمل أو ربح، حسابات وهمية، صور أو مقاطع فيديو مزيفة، أخبار مفبركة، وغيرها، وتكمن خطورتها ليس فقط بكونها تتسبب بأذى نفسي واجتماعي ومادي للضحية (المستهدفة)، وإنما قد يتحول الموضوع لابتزاز يصعب التخلص منه. نساء كثر خسرن أموالهن وعملهن وخصوصيتهن بسبب الضغط على رابط خبيث، أو محادثة مع منتحل صفة، أو أحياناً بسبب نشر معلومة شخصية.
من آثار التضليل القائم على النوع الاجتماعي على سلوك النساء في المساحات الرقمية:
- الانسحاب من الفضاء الإلكتروني
- وقف التفاعل بالاسم الحقيقي، والاضطرار للتواصل خلف اسم وهمي لحماية نفسها
- القلق النفسي من المشاركة أونلاين
- الانسحاب من المشاركة بالنقاشات السياسية والعمل العام
- تعزيز الصورة النمطية أن النساء محددات بمواضيع معينة بخلاف الرجال وأن آرائهن لا قيمة لها خاصة في الأزمات.
في حال تعرضتي شخصياً أو صادفكِ تضليل قائم على النوع الاجتماعي، ينصح بـ :
- توثيق الحالة كالاحتفاظ بمعلومات الحساب أو الجهة التي استهدفتها، وتاريخ الاستهداف، وعلى أي حساب تم سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني أو رسالة نصية على الهاتف المحمول.
- تحذير الأشخاص في دائرتك خاصة النساء
- التبليغ عن الاستهداف حيث توفر أغلب التطبيقات (مثل فيسبوك و إنستاجرام) خيار التبليغ ، واستشارة خبيرة أو خبير تقني للمساعدة في حال تطلب الأمر.
- التأكد من اتباع الخطوات الأساسية للحماية والسلامة الرقمية وعدم مشاركة كلمات المرور للحسابات الشخصية مع أي طرف آخر. السلامة الرقمية هي خط الدفاع الأول ضد أي استهداف مهما كان نوعه.
- سلامتك الرقمية والنفسية والجسدية أولوية، ويجب عدم الخوف من التبليغ عن التضليل أو الاستهداف وطلب الدعم النفسي والاجتماعي في مكان تواجدك.
لا ينبغي أن يكون التعامل مع المعلومات المضللة، سواء القائمة على النوع الاجتماعي أو غيرها، مسؤولية الأفراد فقط، ومنصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية مسؤولة أيضاً بشكل مباشر عن تطوير سياساتها في حماية البيانات وأخذ التبليغات المرتبطة بالعنف الرقمي والتضليل الإعلامي على هذه المنصات بشكل جدي واعتباره أولوية لما له من عواقب وآثار سلبية في العالم الرقمي والواقعي وخاصة عندما يتعلق بالعنف الموجه ضد النساء والفتيات.
ينصح فريق سلامتك بالإطلاع على سلسلة المواد والأدلة التدريبية التالية، والتي توفر شرح عن الأخبار المضللة، وأساسيات السلامة الرقمية بالإضافة إلى هذا الدليل الخاص بخطوات التعامل مع الابتزاز الالكتروني.