نوع آخر من التضليل: كيف نكتشف تزييف الصور والفيديو؟

يستغل المحتالون الرقميون التطور الكبير بالبرامج وتقنيات الصوت والصورة من خلال التلاعب وتزييف الصور والفيديوهات، ولا يقتصر  نشر الأخبار المضللة والزائفة على  النصوص المكتوبة، الصور ومقاطع الفيديو كمان ممكن يتم التلاعب فيها وتزييفها بهدف التضليل أو الإساءة أو الإزعاج. هي الظاهرة مانها جديدة لكن بوقتنا الحالي يزداد استخدامها بشكل سيء وبسياقات مختلفة.

شو الهدف من التلاعب بصورة أصلية والتغيير فيها وإعادة نشرها بسياق مختلف؟

الأسباب متعددة والعواقب كمان بتتفاوت بين بسيطة وخطيرة جداً. بعض الصور يتم التلاعب بمحتواها على سبيل التسلية والمزاح، مثل وضع نظارة على وجه قط أو بقرة، أو تغيير مكان عنصر من عناصر الصورة ليبدو مضحكاً أو غريباً وبالتالي يجذب الانتباه أو يرفع أعداد المتابعة والإعجاب وتداول الصورة. أضرار هذا النوع من التزييف ليست شديدة الخطورة إلا أنها تعزز فكرة القبول بالتزييف والتعامل معه على أنه دعابة في حين أنه يمكن أن يحمل عواقب مؤسفة خاصة عندما يتم تزييف صور لنساء ويتم استخدامها لتهديدهن، ووضع حياتهن تحت الخطر المباشر.
الصورة التالية لجبل في كاليفورنيا الأمريكية يسمى”Pilot Mountain” تم التلاعب بالصورة باستخدام أحد برامج تعديل الصور وجعلها تبدو كسلحفاة وأطلق على المكان المزيف الجديد اسم “Turtle Mountain” أو “جبل السلحفاة”

هناك أيضاً من يقوم بتزييف صورة أو فيديو بهدف الإساءة أو ابتزاز أشخاص أو مؤسسات أو مجتمعات، كأن يجعل أحدهم/إحداهن يبدو بملابس غير لائقة، أو يتكلم بطريقة غريبة أو سلبية  أو يحمل شعاراً أو عبارة مسيئة أو مجموعة من الأشخاص وكأنهم يقومون بفعل مسيء وغيرها.
غالباً ما يتم تداول هذا النوع من الصور ومقاطع الفيديو على نطاق واسع خاصة إذا كانت لشخصية معروفة سياسية أو فنية أو اجتماعية، بهدف  تشويه سمعة الشخص أو الجهة المستهدفة، وخسارته/ا لعمله/ا، ووصمه/ا اجتماعياً، بالإضافة إلى الضرر النفسي والعزلة الاجتماعية التي غالباً ما يلجأ لها الشخص الذي تعرض للإساءة.

تم تداول مقطع الفيديو التالي عام 2019، وهو لرئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، على الإنترنت وتم تبطيء سرعة الفيديو، مما جعلها تبدو وكأنها  غير متزنة.

ومن الحالات الشائعة في تزييف الصور ومقاطع الفيديو هي تلك التي تستهدف النساء بغرض الابتزاز أو تشويه السمعة. هذا النوع من التزييف خطير جداً ويمكن أن يؤدي إلى خسارة المرأة لحياتها إذا كان أشخاص في محيط الفتاة أو المرأة غير مدركين لوجود هذا النوع البرامج التي يمكن أن تفبرك الصورة كأن يتم وضع صورة وجه لامرأة معينة على جسد آخر لتبدو بملابس أو بوضعية غير لائقة، أو أن يتم إضافة أشخاص إلى صورة امرأة. وللأسف، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً بقصص لنساء تعرضن لابتزاز من قبل أشخاص تمكنوا من الوصول إلى صورهن  الشخصية والخاصة وتزييفها،  وقاموا بتهديد النساء إما الاستجابة لطلبات معينة، مادية أو جنسية، أو سيتم مشاركة هذه الصور مع عائلاتهن. بعض النساء اللواتي تعرضن لهذا النوع من الابتزاز أنهين حياتهن خوفاً من تصديق العائلة لمحتوى الصور، وأخريات فصلهن تعسفياً من العمل، ومنهن من تخلى عنها شريكها، بالإضافة إلى اضطرار البعض  إلى تغيير أماكن إقامتهن، عدا عن الضرر النفسي والاجتماعي والاقتصادي والعائلي الذي يلحق المرأة بعد تعرضها لانتهاك مشابه. 

كيف يمكن تمييز الصورة أو الفيديو المزيف؟

يوجد الكثير من التطبيقات يتم استخدامها لتعديل الصور، مثل إضافة عناصر إلى الصورة أو مسح عناصر منها، أيضاً يمكن التلاعب بالصورة من خلال إضافة فلاتر لتغيير معالم الوجه أو الشكل بالعموم، بالإضافة  لخيارات قص الصورة وتغيير حجمها ودقتها والكثير من خصائصها، يمكن التحقق من الصورة من خلال :

 

  • النظر جيداً في الصورة لمعرفة إن كانت تحتوي على أي عنصر غريب مثل: نص مرافق مكتوب بلغة ركيكة، شيء أو شخص يبدو شكله غريب من حيث الحجم أو التناسق.
  • مقارنة وصف الصورة بمحتواها، إن كان الوصف لمدينة صحراوية على سبيل المثال والصورة المرفقة فيها ساحل أو جبال، يعتبر هذا مؤشر أن الصورة إما مزيفة أو تم استخدامها لنشر معلومة كاذبة أو مضللة.
  • أن نسأل أنفسنا: هل هذه الصورة تحرك عندي مشاعر غضب أو فضول أو حماس، باعتبار أن الصور المزيفة تعتمد على التأثير على الجانب العاطفي لدى المتلقي/ة للتفاعل معها.
  • من الجيد أيضاً أن نشك في صحة صورة أو مقطع فيديو ما لمجرد أننا شعرنا بشيء مريب نحوه/ا حتى لو لم نستطع تحديد هذا الشيء.
  • التحقق من مصدر الصورة والبحث إن كان تم نشرها على منصات موثوقة مع ذكر المصدر ومقارنتها مع المصدر الأصلي. تتوفر عدة منصات تساعد في التحقق من مصادر الصور مثل خدمة غوغل للبحث عن الصور باتباع الخطوات التالية:

1- تحميل الصورة التي نرغب في التحقق من مصدرها على جهاز الكمبيوتر/الموبايل، أو نسخ الرابط الخاص بها.
2- فتح متصفح غوغل للصور.
3- النقر على رمز الكاميرا الموجود على طرف مربع البحث.

3- النقر على “تحميل ملف”.

4- اختيار الصورة التي قمنا بتحميلها سابقاً.

5- وأخيراً، النقر على “بحث”.

هناك أيضا التضليل باستخدام التزييف العميق أو Deepfake، وهي تقنيّة تستخدم الذكاء الاصطناعي لتعديل الصور والفيديوهات باحترافية عالية. من خلال هي التقنية يمكن تصميم وجوه جديدة أو تعديل الصور أو الفيديوهات أو التحكم بتعابير الوجه أو الصوت أو الحركة.
تعتمد هذه التقنية على برامج متطورة وأشخاص اختصاصيين لتنفيذها، فوفق إدوارد جيه ديلب، الأستاذ في كلية الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات في جامعة بوردو، فهناك طرق أولية لتمييز هذا النوع من التزييف:

 

  • النظر إلى الحركات غير الطبيعية: إذا كان الفيديو يحتوي على شخص/أشخاص علينا التدقيق فيما إذا كان الشخص يرمش أو يحرك رأسه/ا بطريقة طبيعية أو أوتوماتيكية.
  • الاستماع إلى الأصوات في الفيديو، هل تبدو سرعتها طبيعية؟ هل تبدو منسجمة مع جو الفيديو؟
  • مقارنة وضعية الرأس والأكتاف للشخص في الفيديو مع ما يبدو في الخلفية، هل يبدو الشخص موجود فعلاً في هذا المكان أم أنه وُضع فيه؟
  • الإضاءة أيضاً يمكن أن تدلنا على وجود تزييف، إذا اختلفت الإضاءة بين عناصر الفيديو، من حيث اللون أو الدرجة أو الزاوية، فمن المحتمل أن أحد العناصر تم لصقه أو وضعه في الفيديو ولم يكن موجوداً بالأساس.

    يمكن الاطلاع على المزيد من التفاصيل حول التزييف العميق ومخاطره عبر الرابط هنا، والمقال التالي يوفر شرحاً موسعاً عن المعلومات الخاطئة والمضلِّلة.

هل كانت هذه المقالة مفيدة؟

Skip to content