المعلومات الخاطئة والمضللة وباء من نوع آخر

بين 25 آب/أغسطس و26 أيلول/سبتمبر 2022، تم الإبلاغ عن أكثر من 52013 حالة كوليرا مشتبه بها و98 حالة وفاة في جميع أنحاء سوريا، مع تسجيل أعلى الأرقام في دير الزور والرقة وحلب وإدلب والحسكة، كما وأبلغت المخيمات التي تستضيف النازحين داخلياً عن أكثر من 2100 حالة”.
في المقال التالي نوضح تأثير انتشار المعلومات الخاطئة والمضللة في المجال الصحي على حياة الأفراد في المجتمع وكيف يمكن التحقق من هذه المعلومات لوقف الضرر الناجم عن نشرها على منصات التواصل الاجتماعي، فيما يلي لقطة شاشة لخبرين تم تداولهما خلال فترة انتشار حالات الكوليرا في سوريا:


الخبر السابق نشرته منظمة الصحة العالمية في 8 كانون الأول/ديسمبر 2022. 

“تم تسجيل أكثر من 800 إصابة بالكوليرا في الشمال السوري حتى اليوم.”

الخبر السابق نشره حساب على تطبيق تويتر في 25 أيلول/سبتمبر 2022. 

عند مقارنة الخبرين نرى أن كلاهما يتحدث عن موضوع مهم جداً ومتعلق بصحة مئات الآلاف من الأشخاص وهو وباء انتشار الكوليرا في سوريا. نرى أيضاً أن الخبرين يحتويان على أرقام وتقديرات أعداد المصابين، لكن هناك سمات مهمة بين الخبرين توضح الفرق بين المعلومة الموثوقة والمعلومة الخاطئة أو المضللة أو التي تفتقد إلى الدقة. 

في الخبر الأول يمكن الانتباه إلى أنه:

  •  صادر عن جهة طبية رسمية وهي منظمة الصحة العالمية.
  • يقول الخبر “الإبلاغ عن حالات” ولا يقول تسجيل حالات. أي ممكن أن تكون الحالات المبلغ أو جزء منها عنها كوليرا وممكن مرض آخر تتشابه أعراضه مع أعراض الإصابة بالكوليرا.
  • يستخدم الخبر صيغة “حالة كوليرا مشتبه بها” ولا يجزم بأن كل الحالات المبلغ عنها هي إصابات مؤكدة.

أما الخبر الثاني فهو: 

  • صادر عن مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي ولا صفة طبية له.
  • يستخدم الخبر عبارة “تم تسجيل” التي تعني أن هذا الرقم الذي تم تسجيله موثق عند جهة طبية رسمية، لكنه لم يذكر هذه الجهة.
  • حدد الخبر المنطقة الجغرافية بـ “الشمال السوري” وهي منطقة جغرافية كبيرة ولايمكن حصر الحالات التي تم تسجيلها وفق جهة واحدة لكل منطقة الشمال السوري. 

 

الهدف من المقارنة بين الخبرين هي مساعدة مستخدمي ومستخدمات الإنترنت، خاصة الفئة الشابة، على التمييز بين الخبر الموثوق والخبر المشكوك بصحته. موضوع الصحة حساس جداً ويجب التعامل مع اي معلومة طبية تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بحذر وجدية لأن تداول معلومة طبية خاطئة دون الرجوع إلى مصدرها يمكن أن يسبب أضراراً كبيرة على حياة الكثير من الأشخاص.

ولدينا مثال حديث على خطورة المعلومات الكاذبة على الصحة وهو جائحة  كوفيد 19 (كورونا) حيث ترافق انتشار ها في العام 2020 مع ازدياد انتشار المعلومات الطبية الكاذبة والمضللة، سواء على الإنترنت أو في الحياة الواقعية، عبر تداول معلومات عن الفيروس وطرق العدوى ووسائل الوقاية وجدوى استخدام الكمامة واللقاح والنظريات المختلفة حوله، منها الدقيقة والموثوقة ومنها المنقولة عن مصادر مجهولة بدون الاستناد لمراجع طبية أو علمية موثوقة.

انتشار هذه المعلومات تسبب في امتناع الكثير من الأشخاص عن اتباع الإجراءات الوقائية لتجنب الإصابة بالعدوى أو نقلها للآخرين أو أخذ اللقاح المضاد أو اتباع إرشادات السلامة للحد من انتشار الفيروس، كل هذا ساهم في صعوبة وتأخر السيطرة عليه.

 

خطوات بسيطة إذا اتبعناها يمكن أن تجنبنا الانجرار وراء معلومة خاطئة ونقلها للآخرين والتسبب بضرر لنا ولغيرنا، مثل التأكد من مصدر المعلومة والتدقيق في اللغة المستخدمة واحتواء الخبر على كمية معلومات محددة ويمكن التحقق منها. يمكن الاطلاع على مقال سابق توسعنا خلاله بالشرح عن كيفية التحقق من معلومة نشك بصحتها. 

 

تأثير المعلومات الكاذبة على صحة اليافعين/ات والأطفال

وفقًا لتقرير National Literacy Trust Fake News and Critical Literacy، يعتمد أكثر من نصف الأطفال، في بريطانيا، والذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 15 عاماً على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر منتظم للأخبار. وبينما يعتقد الثلث فقط أن قصص وسائل التواصل الاجتماعي كلها صحيحة، تشير التقديرات إلى أن 2٪ فقط من أطفال المدارس لديهم مهارات القراءة والكتابة الأساسية لمعرفة الفرق بين الأخبار الحقيقية والمزيفة. أغلب الأطفال اليوم لديهم وصول للإنترنت، لكن العديد منهم ليسوا مؤهلين نفسياً وعاطفياً للتعامل مع ظاهرة الأخبار المزيفة على الإنترنت.  وأشار التقرير إلى  قلق المعلمين والمعلمات من تأثير الأخبار الكاذبة على التلاميذ، نتيجة الثقة المطلقة بالمعلومات التي تصادف الأطفال واليافعين على الإنترنت، مما يزيد من احتمال الانجرار وراء أي معلومة طبية خاطئة قد تكون السبب في إحداث  أضرار كبيرة وخطيرة على الصحة البدنية والنفسية. 

 

ويقترح التقرير بأن الحل ليس منع الأطفال من استخدام الإنترنت التي هي مصدر مهم جداً للتعلم والتواصل، بل على البالغين/ات تحمل مسؤولية الحد من انتشار هذه المعلومات وتداولها وتثقيف أنفسهم لمساعدة وصول الأطفال إلى بيئة افتراضية أكثر أماناً.
يمكن الاطلاع على الدليل التالي حول أساسيات السلامة الرقمية التي تمكّن الطلاب والأطفال من استخدام الإنترنت بثقة وأمان.

 

ولا يقتصر تأثير المعلومات الكاذبة والمضللة على الصحة فقط، بل يمتد ليشمل كافة جوانب الحياة كالاقتصاد، السياسة، التعليم، وغيرها. وعلى الرغم من أن هذه المعلومات يمكن أن تنتشر على أي منصة افتراضية مثل المواقع الإلكترونية والبريد الإلكتروني، إلا أن انتشارها الأوسع والأخطر هو على منصات التواصل الاجتماعي وذلك لسرعة انتشارها وسهولة مصادفتها وتداولها والتفاعل معها وبالتالي نقلها إلى العالم الواقعي ومضاعفة أثرها السلبي على الأفراد والمجتمعات. 

وتعتبر المعلومات الخاطئة والمضللة من إحدى وسائل الهجمات الرقمية، لذلك ينصح فريق سلامتك باتباع خطوات الحماية والسلامة الرقمية خلال استخدامنا للإنترنت. وبالإمكان الاطلاع على سلسلة المواد والأدلة التدريبية التالية، والتي توفر شرح عن أساسيات السلامة الرقمية بالإضافة إلى هذا الدليل الخاص بخطوات التعامل مع الابتزاز الالكتروني.

هل كانت هذه المقالة مفيدة؟

Skip to content